الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

   الثمانينية فاطمة تروي تفاصيل الليلة السوداء

حجم الخط
الهجرة الفلسطينية
الخليل- نزار الفالوجي - سند

أجواء طبيعتها تسحرك، وكرم أرضها يسلب وجدانك ويُنبت في قلبك حنيناً لا يفتر مع الأيام ولا السنوات، كُلما طاف بذاكرتها كلما اشتعل القلبُ رغبةً في العودة إلى أحضانها، والجلوس على ترابها.

لم تدم سعادة الحاجة الثمانينية فاطمة رمضان " أم نظمي" بالتنعم بموطنها كثيراً، فحينما بلغت من العمر أربعة عشر ربيعاً أحالها الاحتلال الإسرائيلي خريفاً، بعد أن هاجم بلدتها وأبدل أمنها رعباً، ودمّرها وشرد أهلها.

" الفالوجة" بلدة فلسطينية، كانت تتبع إدارياً لغزة، قاتل فيها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكان قائداً لها الضابط المصري الأمير سيد طه المكنى بــ" الضبع الأسود"، لم يقبل الاستسلام والانسحاب، وبقيت البلدة محاصرة، حتى خرجت وفق اتفاقية الهدنة التي جرت في رودوس في عام 1949 .

ليلة مريرة

ذكريات الماضي، لا تزال بتفاصيلها الدقيقة  حاضرة في ذهن الحاجة رمضان، وتلك الليلة السوداء التي شهدت خروج أهالي البلدة دون عودة حتى الآن.

وتقول لــ "سند" " نحنُ لم نخرج بإرادتنا من بلادنا، تعرضنا للقصف والطائرات حتى اضطررنا للخروج، وشاهدت بأم عيني مقتل عائلة آل رصرص بأكملها، وابن عمتي".

تصف الحاجة أبو رمضان ذاك اليوم وكأنه يُعاد أمامها هذه اللحظة" كنت مختبئة خلف الجدار وأبكي، وأصيب ابن عمتي، وبقي يسيل دمه في وسط البيت، والكل يطلب إسعاف، لكن روحه فارقت الحياة بين يدي أمي".

وتضيف:" بقيت متسمرة خلف الجدار، ولم أستطع الوصول لأمي، ويوسف ابن عمتي ميتٌ بين يديها، بعد لحظات سقط صاروخ بجوارنا، واستشهد ابن عمي على الفور".

تتملكها الدموع :" بقيتُ أصرخ على الجميع خليل مات، وصل الجميع ، وجدوه غارقاً بدمه، هذه المشاهد لا يمكن أن تغيب عن ذاكرتي".

شتات العائلات

ليلة الهجرة، كانتْ الغضة التي قتلت جميع أهالي البلدة وهم أحياء، خرجت العائلات بأكملها في جنح الظلام، وبقيت الطائرات تقصف البلدة ليل نهار.

تتابع حديثها:" مع هول صدمة عمتي التي توفي ابنها، خرجت مع والدها تجاه غزة، وهاجرت برفقة عائلتي إلى الخليل، وبقي الطفل الرضيع في سريره تحت القصف، لكن جدتي عادت في الليل وأخذته برفقتها إلى الخليل، أصبحت الأم في غزة وطفلها بالخليل، وحينما بلغ العام توفي بالحصبة دون رؤية أمه".

توضح الحاجة رمضان في بداية القصف لم يكن يسمح الجيش المصري بخروج السكان، لكن بعد اشتداد القصف والحصار لم يمنع أحد، فخرج الأطفال والنساء، وبقي الرجال في المنازل لحمايتها، لكن هجمات العصابات والقصف الشديد أجبرتهم على الخروج لاحقاً.

وتصف " أم نظمي" مرارة الهجرة " خرجنا من الفالوجة إلى بلدة بيت عفا سيراً على الأقدام في الليل بين الأودية والشعاب، اتجهنا إلى بلدة الدوايمة غرب الخليل، قضينا فيها الليلة داخل أحد الكهوف".

راجعين

وصل خبر المذبحة التي  حدثت بجانبهم في أحد المساجد، فاضطر الجميع للمغادرة تجاه بلدة اذنا بالخليل ، بعدها وصلوا المسكوبية، وقضوا ليلتهم تحت الأشجار دون فرش ولا غطاء، ثم ساروا نحو مخيم العروب حيث التجمع الأكبر للعائلات المهاجرة.

تختتم الحاجه فاطمة حديثها " تركنا بيوتنا ومواشينا ومخازن القمح والشعير والغلال التي لم يمر أسابيع على حصدها من أراضينا،  وكان أملنا أن نعود بعد أسابيع، ولم نعلم أن الرحلة ستطول هكذا".

وفي رسالةٍ منها للجميع ، وبلهجتها البسيطة تقول " يمّا الدول الكبيرة والزعماء تآمروا علينا وباعوا بلادنا لليهود من غير ثمن، وإذا احنا ما ارجعنا، أولادنا برجعوا، وعمر الحق ما بضيع طالما بندافع عنه".